عاجل
الثلاثاء 16 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية شعب الصوصو في غرب إفريقيا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

حكاية شعب الصوصو



 

يُطلق اسم "الصوصو" (السوسو) Su Su على إحدى الممالـك الإفريقية القديمة، وهذه المملكة التي أقامها شعب الصوصو تعتبر من الممالك الإفريقية الغامضة، حيث لا يُعرف عنها، ولا عن شعبها (أي شعب الصوصو) سوى القليل. وهذه المملكة الإفريقية القديمة كانت قد ظهرت على وجه التحديد في بلاد غرب إفريقيا (أو بلاد السودان الغربـي بحسب المصادر الإسلامية).

 

وعلى هذا، فالمملكة القديمة التي أقامها شعب "الصوصو" لم تكن من الممالـك الكبرى التي نالت شهرة واسعة كغيرها من باقي الممالـك الإفريقية القديمة المعروفة والتي كانت قد تأسست في مناطق غرب إفريقيا، ولعل أبرزها: "مملكة غانة" القديمة (469-600هـ)، و"مملكة مالي" الإسلامية (596-874هـ)، و"سلطنة صنغي" الإسلامية (777-1000هـ). ويُكتب اسم هذا الشعب الإفريقي، بحسب ما ورد في العديد من المصادر التاريخية: بصادين مُهملتين، مضموتين، بعد كل منهما واو ساكنة، وربما أبدلوا الصاد: (سين)، ولهذا يكتب البعضُ اسم ذلك الشعب هكذا: (السوسو)، وليس: (الصوصو)، وقد يُكتب الاسم أيضا نكرة (من دون التعريف)، أي: (شعب صوصو). وجُغرافيًا، كانت "مملكة الصوصو" تقع في الماضي بالقرب من التخوم الغربية من "مملكة مالي" الإسلامية بالقرب من حوض تهر النيجر.

 

وشعب "الصوصو"- بحسب البعض- كانوا في الغالب فرعًا من فروع (بطون) قبيلة "الفولانيين" (الفلاتة)، وهم من أكبر قبائل غرب إفريقيا، كانوا قد هاجروا من بلاد التكرور في غرب إفريقيا (تقع أراضيها حاليا في دولة السنغال)، ثم كونوا أسرةً حاكمة في إقليم يدعى: "كانياجا" وهو الإقليم الذي جنوب تخوم مملكة غانة القديمة (469-600هـ). وعن أصل شعب الصوصو، يقول أحد الباحثين: "قام المهاجرون الفلانيون من بلاد التكرور بدور بارز في تكوين الطبقة الحاكمة التي ساعدت على استقلال إقليم كانياجا، وقيام امبراطورية عرفت باسم إمبراطورية "صوصو" غربي إقليم مالي...".

 

وتُشير المصادر التاريخية إلى أن "شعب الصوصو" كان يُعرف أيضا باسم شعب (الإنكارية)، أو "الونكارية"، وغير معروف على وجه التحديد دلالة هذا الاسم، لكن ربما أنه يرتبط فيما يرى المؤلفُ باسم شعب "الونقارة" في غرب إفريقيا. ومن المعروف أن شعب الصوصو كان تابعا في بداية أمره لسلطان ملوك غانة القديمة، غير أن ملوك "الصوصو" تمكنوا من أن يستعيدوا من جديد استقلالهم بعيدًا عن نفوذ ملوك غانة، ثم حكموا بلادهم بشكلٍ مستقل مرة أخرى آواخر القرن الخامس الهجري/ القرن الحادي عشر الميلادي، وذلـك بعد أن ضعفت سلطان مملكة غانة، ثم سقوطها بعد ذلك تحت حكم المرابطين الذين فرضوا على شعب الصوصو.

 

 

Description: Ghana (Wagadu), the earliest known empire of the western Sudan, first  entered the historical consciousness of North Af… | History of ghana, Ghana  empire, Africa map

خريطة غرب إفريقيا وتظهر بلاد الصوصو جنوب نهر النيجر

 

 

وتذكر بعض الروايات المحلية أنه في سنة 469هـ/ 1076م، وحتى سنة 576هـ/ 1180م كان شعب الصوصو تحت حكم "أسرة ملكية" تعتنق الدين الإسلامي، وهذه الأسرة كانت في الغالب من ذوي "الأصول السوننكية" المعروفة، وكان اسم هذه العشيرة الإفريقية: (دياري– سو). وخلال حكم أحد سلاطينهم، ويدعى: "بنـا– بوبو" في حوالي الفترة من (494-514هـ/1100-1120م)، ظهرت جماعات من قبيلة "الفولاني" (الفلاتة) في تلك المنطقة.

 

ومن ناحية أخرى كان بعض الأفراد من أمراء تلك "الأسرة" التي كانت تحكم هذه البلاد اتخذوا الزوجات من عشيرة محلية تُعرف باسم: "صو" (سو)، وعلى هذا عرف أحفادهم باسم "شعب الصوصو"، ثم اشتهرت هذه البلاد بعد ذلـك بذات الاسم في المصادر التاريخية. وقبل نهاية القرن السادس الهجري/ القرن الثاني عشر الميلادي ضم حكام الصوصو لبلادهم مدينة ديارا. وفي سنة 1303م ضم ملوك الصوصو بلاد غانة لحكمهم.

 

 

الملك سُومنجورو– كانتيه (القرن 13م):

سقط حكمُ هذه الأسرة الحاكمة في حوالي سنة 576هـ/ 1180م على يد أحد المحاربين من أصل ونكري (سركلي)، وكان يدين بـ"الديانة الـوثنية"، وكان ذلك المحارب ينتمي إلى أسرة من طائفة "الحدادين"، وكان يدعى: "جارا (ديارا)- كانتيه" Djara Kante، ثم ارتقى الحكم من بعده حاكم نال شهرة في هذه البلاد، وكان هذا الحاكم الجديد يُعرف بـ(سومنجورو- كانتيه)، وهو الذي أعطى "مملكة الصوصو" أهمية كبيرة في منطقة السودان الغربي (غرب إفريقيا)، حيث تمكن هذا الملك من ضم عدد من الأقاليم التي كانت تقع في شمال وجنوب بلاد الصوصو.

 

ثم استطاع ملوك الصوصو بعد ذلـك من هزيمة ملوك غانة المسلمين، ومن ثم اضطهدوهم بعد ذلك. ولعل هذا مما جعل عددًا كبيرًا من سكان "مملكة غانة" يُجبرون على الهروب من بلادهم، ثم الهجرة بعيدًا إلى بعض المناطق الأُخرى النائية في غرب إفريقيا، وكان منها مدينة معروفة وهي مدينة: ولاتة (بير)، وكان ذلك حوالي سنة 621هـ/ 1224م.

 

ثم تمكن الملك "سومنجورو- كانتيه" من هزيمة ملوك مالي، وتذكر المصادر التاريخية أنه تمكن من قتل اثني عشر من أبناء ملك مالي الذي كان يحكم في أيامه، وهو ما يشير لمدى قوة "شعب الصوصو"، واتساع نفوذهم في ذلك الوقت. وقد بقي حكام مالي خاضعين لحكم شعب الصوصو حتى تمكن السلطان ماري جاطة (سندياتا) من تكوين جيش قوي، وتقابل مع ملك "الصوصو" في منطقة قرب مجرى "نهر النيجر"، عند بلدة تدعى: (كيرينا) سنة 628هـ/ 1230م.

 

وقد انتهت هذه الحرب بين شعب الصوصو وملك مالي، وهي التي اشتهرت في الروايات التاريخية باسم: "معركة كيرينا"، وانتهت الحرب بهزيمة ملك الصوصو (سومنجورو)، ويقال إن السلطان سندياتا (ماري جاطة) ملك مالي ضرب "ملك الصوصو" بسهم، فأرداه قتيلا، وكان هذا السهم المسموم يتكون رأسه من مخلب ديك أبيض، وذلك حسب ما ورد في بعض الروايات.

 

كلية الآداب - الجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز